رغم أن قانون حماية المستهلك ما زال يراوح أدارج الحكومة المغربية منذ عام 1999، فإن ثمة تجارب أهلية حاولت تجاوز ضعف البنية القانونية في هذا المجال، بتقديم أطر فكرية وتطبيقية لخدمة المستهلك.
فمن بين 25 جمعية أهلية مغربية تعنى بحماية المستهلك، يبدو المنتدى المغربي للمستهلك الأكثر تحركا وفعالية خلال عام 2004، رغم أنه لم يمر على إنشائه إلا 6 أشهر. ويقول رئيس المنتدى شمس الدين عبداتي : إنهم يحاولون ترسيخ فكرة "الإنصات إلى المستهلك"، أي الاهتمام بما يقدم له من سلع وخدمات، بحيث يصبح ذلك ثقافة ثابتة في المجتمع، لأننا "كلنا مستهلكون". ووفقا لعبداتي فإن هذه الفكرة لها آليات محددة لتطبيقها، ومنها:
- أن تكون الجودة خيارا لجميع المؤسسات المعنية بخدمة المستهلك، بما فيها المقاولة (المشروع) برمتها، حيث يجب أن تكون نهجا للعامل ورب العمل والموزع والتاجر، من قبيل: السلامة الصحية، ظروف الصيانة، جودة الموارد البشرية، جودة التسيير، جودة التواصل والإشهار.
- الإنصات للمستهلك يجب أن يكون حاضرا طيلة السنة، فكل منتج يباع يجب أن تتلوه دراسة انطباع وملاحظات المستهلك حوله .
- الجودة هي مرآة وسمعة العارض كيفما كانت نوعيته؛ سواء مؤسسة أو متجرا، أو مقهى أو مقاولة، كما أنه من خلال جودة عالية يمكن للمستهلك أن يصبح مشهرا (معلنا) لصاحب المتجر، وضامنا لاستمراريته، وبالتالي محفزا أساسيا للنماء والتنمية.
ويعتبر صلاحي السويدي أمين عام المنتدى أن نجاح المجتمع في تطبيق فكرة الجودة سيساعده على مواجهة التحديات المقبلة المتمثلة في أن المغرب مقبل على دخول منطقة التبادل الحر سنة 2012 مع الاتحاد الأوربي، كما تربطه اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وكوريا الجنوبية ودول عربية.
واستنادا لهذا المنظور في حماية المستهلك وضع المنتدى المغربي للمستهلك أهدافه، ومنها: توعية المستهلك بالمخاطر الناجمة عن أساليب الغش والتدليس والاحتيال في المواد الغذائية، وتقديم المقترحات للسلطات الحكومية بكل ما يتعلق بالمساهمة في حماية المستهلك وتطوير التشريعات ومواكبة الإجراءات المتعلقة بذلك.
كما يقوم المنتدى بإعلام المستهلك بحقوقه وواجباته، وتلقي واستقبال الشكاوى المتعلقة بأي عمليات غش، وتسوية نزاعات الاستهلاك بالطرق الودية والقيام بالوساطة والتحكيم
واستند تصور المنتدى في تحديد كيفية حماية المستهلك وأهدافه على استطلاع ميداني أجراه على عينة من 300 مواطن مغربي من أعمار ومستويات تعليمية مختلفة، حيث كشف الاستطلاع أن 58.6% من العينة غير راضين على مستوى الجودة المتداولة في الأسواق المغربية.
وأظهر الاستطلاع أن هناك خلافا بين المواطنين حول ما هو مفهوم الجودة؟ ففي حين ذهب 45.3% إلى أن الجودة تعني المكونات الداخلية للمنتج، رأى 15% أنها تعني مصدر الصناعة، فيما رأى 9.3 % أن الجودة ترتبط بالسعر، أما باقي المستطلعة آراؤهم فاعتبروا هذا المفهوم يضم خليطا بين السعر ومصدر الصناعة أو المكون الداخلي للمنتج.
كما كشف الاستطلاع عن أن غالبية المستهلكين يرون أن الدولة هي المنوط بها فكرة حماية المستهلك، غير أن هناك شريحة أخرى لا علم لها بوجود جهات من مهامها حمايته كمستهلك.
ويدل الاستطلاع أن المستهلك المغربي لم يستوعب بعد مفهوما موحدا للجودة، وكذلك عدم إدراكه لأهمية وجود جهات أهلية قد تقوم بدور في حمايته من عمليات الغش والاحتيال، وهو ما يطرح عدة تحديات أمام بلوغ ثقافة استهلاكية متقدمة. وعالميا تعني الجودة التميز في تقديم الخدمات المطلوبة بفعالية، بحيث تكون خالية من الأخطاء والعيوب والشوائب وتقدم بأقل تكلفة، وترقى لمستوى توقعات ورغبات المستفيدين، وتحقق رضاهم التام حاضراً ومستقبلاً، وذلك من خلال التحسين والتطوير المستمر والالتزام بمتطلبات ومعايير الأداء، وأداء العمل.
خيمة للإنصات
ولتحقيق تصور الجمعية في حماية المستهلك أقامت فعاليات عدة، منها تنظيم "خيمة الإنصات للمستهلك" في منتصف أكتوبر 2004 بالرباط، وشارك في فعالياتها 17 مؤسسة عمومية وخاصة ومدنية ومهنية تقدم الخدمات والسلع إلى المستهلك بجودة عالية.
كما يقوم المنتدى بالتنسيق وعقد شراكات مع القطاعين العام والخاص والمنظمات الوطنية والدولية من أجل إنجاز مشاريع عملية تهم إنشاء مراكز مستقلة لتكوين المستهلك والمنتج والبائع ومقدمي الخدمات، وكذلك إقامة مختبرات عملية لتحليل مكونات المواد والسلع من حيث إثبات صلاحيتها وتوافقها مع المعايير الوطنية والدولية المقررة.
وفي هذا الإطار شارك المنتدى في فعاليات الأسبوع الوطني الثامن للجودة خلال شهر أكتوبر 2004 المنظم من طرف غرفة التجارة والصناعة والخدمات ووزارة الصناعة والتجارة وفعاليات عامة وخاصة.
غير أنه تظل جهود المنتدى وغيره من الجمعيات المغربية لحماية المستهلك محتاجة إلى تضافر الجهات الحكومية معها حتى يكون هناك قانون وصيغ إجرائية داخل المجتمع تحمي مستهلكيه.اقرأ أيضًا:
- الحمايه الالكترونيه للمستهلك
بعد اتساع مستخدمي الإنترنت في العالم، بدأ يتبلور مفهوم الحماية الإلكترونية للمستهلك والذي يعني الحفاظ على حقوق المستهلك وحمايته من الغش أو الاحتيال أو شراء بضائع مغشوشة باستخدام أدوات الوب التي تستطيع الوصول إلى كل مكان وتمارس تأثيرا يتجاوز أحيانا الأدوات التقليدية في الواقع.
فقد ظهرت مواقع عديدة خاصة في الدول الغربية ترفع صوت المستهلك في مواجهة الغش التجاري بجميع أشكاله، كما بدأ تدشين بعض المواقع العربية على الإنترنت لحماية المستهلك العربي وتعريفه بحقوقه الاستهلاكية التي من أبرزها سلامة المنتج، والحق في الاختيار، وأن يستمع إليه البائع، وكذلك أن يعلم بأي عيوب في السلعة، بالإضافة إلى الحق في التوعية، والتعويض عن الأضرار التي يتعرض لها المستهلك.
لقد أصبحت هذه المواقع التي بعضها مجاني وأخرى تقدم خدمة بمقابل.. منبرا مهما للمستهلك لإبداء رأيه وإعطاء فرصة للآخرين للمشاركة في خبراتهم عن المنشآت التجارية التي يتسوقون منها، وإعطاء النصيحة للمستهلك فيما يخص مع من يتعامل؟ وكيف تنتقي مقدم السلعة قبل السلعة نفسها؟ وما مدى رضا الزبائن السابقين؟ وكذلك تقييمات مستهلكي بعض الأسواق وإمكانية الاطلاع على أرشيف يضم الشكاوى السابقة والمرسلة من قبل المستهلكين.
وتقوم مواقع حماية المستهلك بتقديم هذه الخدمات من خلال منتديات لتبادل الخبرات أون لاين، والقيام بعرض قصص واقعية لتجارب المشترين مع السلع الرديئة، وتحديث مستمر لنشرات إخبارية تتضمن حوادث الغش التجاري وتفاصيل القضايا الحديثة مدعمة بآراء الخبراء والمتخصصين.
أيضا توفر هذه المواقع خدمة استقبال الشكاوى عبر البريد الإلكتروني من خلال ما يسمى مركز الشكاوى، كما تفرد بعض الصفحات التي تحتوي على المعلومات التى تساعد المستهلك على تجنب الوقوع في حالة احتيال أو غش.
وربما ينتهي الأمر برفع القضايا أمام المحاكم ضد القائمين بالغش التجاري، ويتم ذلك أيضا من خلال بعض المواقع القانونية العالمية التي تهتم بمقاضاة الجهات التي قامت بغش أحد المستهلكين، مثل موقع
=www.bigclassaction.com، وهو عبارة عن موقع لتسجيل شكاوى المستهلكين وبياناتهم وتفاصيل البضائع التي يتضررون منها. ويقدم هذا الموقع خدمة قانونية من خلال إمكانية رفع دعاوى قضائية ضد الجهات التي قامت بالاحتيال أو الغش على المستهلكين، كما يحتوي على الكثير من المعلومات القانونية في هذا المجال التي تفيد المستهلكين بالدول الغربية في الحصول على حقوقهم.
رد البضائع المعيبة
ويستطيع المستهلك رد البضائع المعيبة للمنتجين، من خلال مواقع تخصصت في أداء هذه الخدمة، ومنها
www.thesqueakywheel.com]
. وهناك مواقع أخرى تلعب دور الوسيط بين المنتجين والمستهلكين وتسعى لحل مشاكل المستهلكين نيابة عنهم بشكل مجاني، حيث تقوم باستقبال الشكاوى الخاصة بالمنتجات والخدمات، ثم تتولى مراسلة المنتجين والمساعدة في حل المشاكل، ومن هذه المواقع www.ugetheard.com/ الخدمات البنكية والمصرفية التي اتسعت على الإنترنت نالت هي الأخرى نصيبا مهما من الحماية الإلكترونية للمستهلك، حيث تقوم بعض المواقع بحل المشاكل الخاصة بالدفع والتسديد لتقليل خطر احتيالات بطاقات الائتمان أثناء الشراء من الإنترنت أو سرقة البيانات الشخصية، ومن أبرز المواقع التي تقدم هذه الخدمات موقعwww.angelfire.com/journal2/atlor4/index.html/ مستهلك دوت كوم
على الصعيد العربي، بدأت الحماية الإلكترونية للمستهلك تتبلور مع ارتفاع أعداد مستخدمي الإنترنت الذين وصلوا وفق تقديرات غير رسمية إلى 5% من سكان الوطن العربي. وفي هذا الصدد ظهر موقع [مستهلك دوت كوم والذي يقدم خدمات عديدة للمستهلك، من أبرزها إمكانية الحصول على دليل شامل لجميع أسواق المدن العربية، والاستفادة من أهم الخبرات والنصائح التي يقدمها الخبراء في مجال الاستهلاك. كما يعرض الموقع أهم الأخبار التي تهم المستهلك العربي، ونشر هذه الأخبار من خلال البريد الإلكتروني، بالإضافة لعرض كثير من المقالات التي تتناول موضوعات متخصصة، منها قطع غيار مزيفة في بعض الأسواق والتحذير منها، كما يقدم تقييمات مستهلكي بعض الأسواق، ويوفر الكثير من النصائح التي تهم المستهلكين في شتى المجالات منها الصحة والسيارات والمنوعات والعقارات، وكذلك كثير من الموضوعات التي تتناول جمعيات حماية المستهلك.
الرئيسية 
2007-09-09, 5:58 pm
